الاثنين، 11 فبراير 2013

مناظرة ابن عباس للخوارج

مناظرة ابن عباس للخوارج

انفصل الخوارج في جماعة كبيرة من جيش علي  
أثناء عودته من صفين إلى الكوفة،
قُدِّر عددها في بعض الروايات ببضعة عشر ألفًا، 
وحُدِّد في رواية باثني عشر ألفًا وفي أخرى بستة آلاف، 
وفي رواية بثمانية آلاف، وفي رواية بأنهم أربعة عشر ألفً.

وقد انفصل هؤلاء عن الجيش قبل أن يصلوا إلى الكوفة بمراحل، 
وقد أقلق هذا التفرق أصحاب علي وهالهم، 
وسار علي بمن بقي من جيشه على طاعته حتى دخل الكوفة، 
وانشغل أمير المؤمنين بأمر الخوارج، 
خصوصًا بعدما بلغه تنظيم جماعتهم من تعيين أمير للصلاة وآخر للقتال، 
وأن البيعة لله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، 
مما يعني انفصالهم فعليًّا عن جماعة المسلمين.

وكان أمير المؤمنين علي حريصًا على إرجاعهم إلى جماعة المسلمين، 
فأرسل ابن عباس إليهم لمناظرتهم، 

 وهذا ابن عباس يروي لنا ذلك فيقول:
  "... فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائمون ،
فسلمت عليهم فقالوا: مرحبًا بك يابن عباس! فما جاء بك؟ 
قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي وصهره 
وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم، 
وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وتخبرون بما تقولون. 
قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله وابن عمه؟

قالوا: ثلاثًا.

قلت: ما هن؟


قالوا: أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله فكفر، 
وقال الله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ
[الأنعام: 57]،
 ما شأن الرجال والحكم؟

فقلت: هذه واحدة.


قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، 
فإن كانوا كفارًا سلبهم، وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم.

قلت: هذه اثنان، فما الثالثة؟


قالوا: إنه محا اسمه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.

قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟

قالوا: حسبنا هذا.

قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سُنَّة نبيه ما يردّ قولكم، أترضون؟!

قالوا: نعم.

قلت: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله، 
فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيّر الله حكمه إلى الرجال في ثُمُن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكموا فيه، 
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]

 فنشدتكم بالله تعالى، 
أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل 
أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟! 

وأنتم تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصيّر ذلك إلى الرجال. 
قالوا: بل هذا أفضل. 

وفي المرأة وزوجها 
قال الله : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، 

فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم، 
وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة أخرجت من هذه؟

قالوا: نعم.

قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، 
أفتسلبون أُمَّكم عائشة رضي الله عنها !؟
ثم تستحلون منها ما يستحل من غيرها وهي أمكم؟ 
فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، 
ولئن قلتم ليست بأمِّنا فقد كفرتم؛ 
لأن الله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]
فأنتم تدورون بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج !

قلت: فخرجت من هذه؟

قالوا: نعم.

وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين، 
فأنا آتيكم بمن ترضون وأراكم قد سمعتم أن النبي يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي : "اكتبْ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". 
فقال المشركون: لا والله ما نعلم أنك رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك، فاكتب محمد بن عبد الله. فقال رسول الله
"امْحُ يَا عَلِيُّ رَسُولَ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ، 
امْحُ يَا عَلِيُّ، وَاكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". 
فوالله رسول الله خير من عليٍّ، 
وقد محا نفسه ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة. 
أخرجت من هذه؟

قالوا: نعم.

فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم فقُتلوا على ضلالتهم، قتلهم المهاجرون والأنصار

ما اشبه خوارج العصر بخوارج الامس

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: 
"سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

مواضيع ذات صلة
الحاكمية و الاخوان المتأسلمون
بالتفاصيل والخرائط مخطط تقسيم مصر
الاخوان و قصة خيانة لا تنتهي طارق الهاشمي و الحزب الإسلامي
الإخوان و الإرهاب و حرب الشائعات
اليهود و الاخوان و فرعون موسي و الجيش المصري
 

المشاركات الشائعة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة